البرنامج التدريبي لوكلاء الويسترن يونيون – طرق الاحتيال وسبل تلافيها وضوابط وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
الادخار جزء من الدخل لا يتم إنفاقه في الاستهلاك، أو بمعنى آخر هو ما يفيض على الاستهلاك من دخل الإنسان، إذ أن الدخل إما أن يخصص للاستهلاك أو الادخار، ويختلف حجم الادخار من بلد لآخر بالنظر إلى عدة محددات تؤثر في القدرة والحافز على الادخار.
الدوافع
لكل إنسان أسبابه الخاصة التي تدفع به إلى ادخار جزء من دخله بدلا من استهلاكه كاملا. ويكون بعض هذه الأسباب إجباريا لا سلطة للإنسان عليها، وبعضها الآخر اختياريا ينبع من رغبته وإرادته الذاتية.
-الادخار الإجباري: مثل المساهمات التي تؤدى لصالح صناديق التقاعد بمقتضى القانون، والاحتياطيات الإلزامية التي تضعها الشركات جانبا قبل الشروع في توزيع الأرباح السنوية من أجل توفير تمويل ذاتي لمشاريعها المستقبلية.
-الادخار الاختياري: ويتعلق الأمر مثلا بالادخار المدفوع بالرغبة في جمع مبلغ يكفي لشراء سلعة معينة، أو في الاستثمار في شراء عقار أو أوراق مالية بهدف الربح مستقبلا، أو في تكوين ثروة يورثها الإنسان لأبنائه.
المحددات
يختلف حجم الادخار من بلد لآخر بالنظر إلى عدة محددات تؤثر في القدرة والحافز على الادخار، وتتمثل إجمالا في ما يلي:
- مستوى الدخل: توجد علاقة طردية بين الدخل والادخار، إذ كلما زاد مستوى الدخل زاد الادخار، والعكس بالعكس. والسبب في ذلك هو أن الدخل الكبير يسمح لصاحبه بتوفير ضروريات الحياة وكمالياتها، دون أن يستهلك ذلك دخله كاملا.
-مستوى الأسعار: توجد علاقة عكسية بين مستوى الأسعار والادخار، إذ أن ارتفاع الأسعار يؤثر سلبا في القدرة الشرائية ويستهلك قدرا مهما من دخل الإنسان من أجل تلبية حاجياته الأساسية، مما يحد من فرص الادخار.
-مستوى الضرائب: توجد علاقة عكسية كذلك بين مستوى الضرائب المفروضة على الدخل أو الاستهلاك من جانب والادخار من جانب آخر. وعلة ذلك أن الضرائب حينما تكون كثيرة ومعدلاتها عالية، تقتطع جزءا كبيرا من الدخل على حساب إمكانية الادخار.
-مستوى ربحية الشركات المدرجة: تؤثر آفاق الربح الواعدة التي تضمنها أسهم الشركات المدرجة في أسواق الأوراق المالية، من خلال الأرباح السنوية الموزعة أو فرص الربح عبر المضاربة في هذه الأسهم، في تحفيز الناس على الادخار.-سعر الفائدة: توجد علاقة طردية بين سعر الفائدة الحقيقي (سعر الفائدة الاسمي مخصوما منه التضخم) والادخار. إذ أنه كلما كانت أسعار الفائدة الحقيقية عالية كان العائد المحصل من الودائع المصرفية والسندات كبيرا، مما يحفز الناس على الادخار والتقليل من الاستهلاك أملا في تحقيق منافع أكبر في المستقبل (بما في ذلك استهلاك أفضل).
وتوجد عوامل أخرى كثيرة، تقل أهميتها أو تزيد وفق كل سياق، يمكن أن تؤثر سلبا أو إيجابا على مستوى الادخار داخل البلد. ومنها على سبيل المثال منسوب الوعي والثقافة المالية الشائعة داخل المجتمع، ومدى شيوع المبادرة الحرة ورغبة الناس في أن يصبحوا روادا للأعمال عوضا عن أن يكونوا موظفين من خلال الاستثمار في مشاريع مستقبلية.
ومن العوامل المحددة للادخار كذلك علاقة الناس بالمستقبل والأزمات التي يحملها معه في الثقافة السائدة. إذ في الوقت الذي يفضل بعضهم الاستعداد لمواجهة هذه الأزمات (مرض، وفاة، تسريح من العمل،... إلخ) من خلال الادخار، يرى بعضهم الآخر أن الحذر لا ينفع مع القدر، وأن الغيب مقام للتسليم لا للتدبير.
الادخار والنمو
يضطلع الادخار الوطني بدور أساسي في عملية النمو الاقتصادي، لأن النمو لا يحصل من دون استثمار يعزز القدرات الإنتاجية للبلد، والاستثمار لا يتأتى من دون ادخار يكفي لتغطية حاجيات القطاعين الخاص والعمومي من رؤوس الأموال.
وإذا كان البلد يخصص الجزء الأوفر من دخله على الإنفاق الاستهلاكي، فإن الاستثمار يكون دون المستوى المطلوب من أجل ضمان نمو مستقر ودائم على الأمد الطويل.
لكن الادخار إذا زاد على الحد المطلوب أيضا قد يؤدي إلى تباطؤ النمو، والسبب في ذلك راجع إلى أن الإفراط في الادخار يكون على حساب الاستهلاك، فتقل بذلك فرص البيع بالنسبة للشركات التي لا تجد بدا من خفض إنتاجها. ويعقب ذلك نقص في التشغيل يليه نقص في الدخل والاستهلاك، ثم تحجم الشركات عن الاستثمار فيتراجع النمو، وقد يدخل الاقتصاد في انكماش.
وتقع على الدولة حينئذ مسؤولية تحفيز الاقتصاد من جديد عبر زيادة إنفاقها الاستهلاكي والاستثماري بهدف إعادة الثقة للفاعلين الاقتصاديين وقلب الدورة الاقتصادية.